لماذا أسلمت
سليمان بن عبد الله الطري
الجواب عن هذا السؤال يختلف بتنوع أسباب دخول الناس في الإسلام .
لماذا أسلمت ؟
لأن الإسلام دين رباني وهو آخر الأديان الواجب إتباعه ، شامل كامل عالمي ، وهو نظام حياة ، ودين رحمة وهداية قال تعالى
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107)
، وهو الدين الحق المحفوظ غير المحرّف ، وهو الدين الوسط الذي لا غلو فيه ولا رهبانية قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (البقرة:143)
، وهو الدين المقبول عند الله عز وجل قال تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85) ، وهو دين الله الناسخ لكل الأديان ، وكتابه الكتاب المهيمن على كل الكتب الذي بُعث به آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم )إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (آل عمران:19) .
لماذا أسلمت ؟
أسلم كثير من العرب في أول الإسلام حين سمع آيات الله تتلى عليه فعرفوا أنها حق وإعجاز نزلت من عند الله فآمنوا بالله ورسوله ، وصدّقوا بكتاب الله وآياته إلا من منعه وصده الكبر والحسد والعناد قال تعالى : )وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (النمل:14) ، ومثلهم بعض اليهود حسدًا من عند أنفسهم .
والقرآن الكريم هو كلام الله المعجز في آياته وأحكامه ، وبلاغته وأخباره ، وتشريعاته وآدابه ، وفيه دلائل وحقائق علمية ، وأسرار ومعجزات كونية جاء بها هذا القرآن ، وأخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم قبل ( 15 ) قرنًا .
هذا القرآن ومعجزاته من أعظم أسباب الإيمان بالإسلام والدخول في دين الله أفواجًا ، وقد ترجمت معانيه وأحكامه إلى شتى اللغات لمن يريد الاهتداء بنوره ، وفهم سوره وآياته ، ومعرفة أسراره ومعجزاته من جهة موثوقة هي مجمع الملك فهد – رحمه الله – لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية .
لماذا أسلمت ؟
الذين أسلموا أو درسوا عن قيم الإسلام وأحكامه من مصادره القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة عرفوا أن الإسلام دين الفطرة السليمة ، والعقل الصحيح ، يحقق حاجات الروح بالصلاة والذكر والعبادة بلا رهبانية ولا غلو قال تعالى :
(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (النمل:14) ، ويحقق حاجات البدن ومتطلبات الحياة بالعمل والزينة والترفيه النافع قال تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ )(لأعراف: من الآية32)
لماذا أسلمت ؟
لأن الإسلام يوازن بين الدنيا والدين ، وبين الدنيا والآخرة ، ويعطي كل ذي حق حقه ، ويرسم الحقوق والواجبات بين مختلف الناس ، فيوازن بين حقوق الآباء والأبناء في حسن العلاقة وفي حق التربية والنفقة ، وحق الآباء في البر والطاعة ،
(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً )(النساء: من الآية36) ، ويوازن بين حق الزوج والزوجة في النفقة والتكريم ، وحق الزوج في الطاعة والرعاية قال تعالى : (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21) ، ويوازن بين حقوق الفرد والمجتمع في الاحترام والتعاون قال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)(المائدة: من الآية2) ، ويوازن بين الغني والفقير في حق الزكاة والصدقة والإحسان ، وحق الغني في حرمة الاعتداء على ماله ، وحق ملكيته وتنميته ، ويوازن بين العالم والجاهل في سؤال العلماء وتوقيرهم من غير غلو فيهم ، وحق الجاهل في وجوب التعليم والإجابة عن استفتائه قال تعالى : (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(النحل: من الآية43)، ويوازن بين حق الحاكم والمحكوم في وجوب العدل وتحريم الظلم وحق الحاكم في وجوب الطاعة بالمعروف .
لماذا أسلمت ؟
لأن الإسلام دين فقه وعلم في كل أنواع العلوم المفيدة والنافعة للأمة الإسلامية وللبشرية كلها في ازدهار الحضارة وتطورها ، وبناء الإنسان وتعليمه وفي الحديث « طلب العلم فريضة على كل مسلم » ، فالإسلام لا يُحبِّذ لأتباعه التخلف والجهل ، وقد أسهم علماء الإسلام في حضارة الأمم المعاصرة ، بل كان لهم قصب السبق في القرون الماضية ، وما زالوا من أبرز العلماء في الدول المعاصرة الأوربية والأمريكية .
لماذا أسلمت ؟
لأن الإسلام جاء بتكريم الإنسان وإعلان حقوقه في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية والقضائية وغيرها قبل خمسة عشر قرنًا ، وكرّم جميع الناس من حيث إنسانيتهم قال تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ )(الاسراء: من الآية70) ، وأبطل الإسلام التمايز بالعنصريات فلا عنصرية للون ولا عنصرية لعرق أو دم ، ولا عنصرية لأهل لغة أو لأهل حسب أو نسب ، ولا طبقية في الإسلام ، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صهيب الرومي ، وسلمان الفارسي ، وبلال الحبشي ، وكلهم أئمة في الإسلام وسادة قال تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )(الحجرات: من الآية13)
لماذا أسلمت ؟
لأن الإسلام شعاره وميزانه التقوى لله تعالى ، ولا فرق بين الناس إلا بالتقوى والإيمان بالله ، والتفاضل بالعمل الصالح قال تعالى : )سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (الحديد:21)
والتنافس بالطاعة لله تعالى وعبادته قال تعالى : (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)(المطففين: من الآية26) ، وفي الحديث : « اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن » .
لماذا أسلمت ؟
لأن الإسلام حفظ حقوق الناس في الدين فحرّم القول على الله بغير علم ، وجعل الكذب على الله ورسوله من أعظم الافتراء والبهتان وأكبر الكبائر ، وحفظ حقوق الناس في النفس فحرم قتل النفس أو الاعتداء عليها وجعل عقاب القتل القصاص إلا أن يعفو أولياء الدم إلى الدية أو التنازل قال تعالى : : (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:179)
وحفظ العقل فحرّم المخدرات والخمر والمسكرات لأنها تفقد العقل ، وتخرم المروءة ، وفيها عواقب صحية ضارة ، وسبب لتبذير الأموال ، وهتك الأعراض .
وحفظ العرض فحرم الزنا واللواط ، والخيانة الزوجية منهما ، وحرم التبرج والفواحش لأن كل ذلك من أسباب ضياع الأسرة وفشلها ، ولأنها من أسباب الأمراض الخطيرة كالزهري والسيلان والإيدز وغيرها ، ودعا إلى المبادرة إلى الزواج ، وإلى الطهر والعفاف .
وحفظ المال بتحريم السرقة والغش والرشوة والاختلاس والربا والقمار ، وحث على البيع والشراء والعمل والكسب .
لماذا أسلمت ؟
لأن الإسلام كرّم الإنسان رجلاً وامرأة ، بل وكرّم الحيوان والطير ، ووضع أدبًا في التعامل معها .
ومن حقوق الإنسان حق المرأة وتكريمها ، حيث رفع الإسلام شأنها أُمًّا وزوجةً وأختًا وقريبة ، وأمر بالوصية بها ، والرفق بحالها ، والإحسان إليها ، وجعل لها حق النفقة على وليها ، وحق ملك المال والاتجار به والتصرف فيه ، وممارسة العمل المناسب ، والاشتغال بالوظيفة الملائمة وفي الحديث « النساء شقائق الرجال » ، وقال صلى الله عليه وسلم « استوصوا بالنساء خيرًا » .
وحض المرأة على أعظم وظيفة ، وأهم مسؤولية وهي تربية الأولاد ، ورعاية الزوج ، وبناء الأسرة .
لماذا أسلمت ؟
لأن دين الإسلام دين رحمة يوقر الكبير ويعطف على الصغير قال الرسول وقال صلى الله عليه وسلم « ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا » ، وفي الإسلام رعاية اليتيم ، والإحسان إلى السائل قال تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) (الضحى:9)
، وأوصى الإسلام في الجار كثيرًا وفي الحديث : « والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه » ، وورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم « ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ضننتُ أنه سيورِّثه » .
وهكذا الإسلام يرحم كل الناس ، ويكرم الضيف ، ويحث على إعانة المحتاج ، وابن السبيل ، وفي الإسلام الحث على العمل والكسب ، وأن بذل الأسباب الحسية والمعنوية في طلب الرزق لا ينافي التوكل على الله ، وفيه الحث على تقدير العمال والأمر بالوفاء بعقودهم ، وفي الحديث : « أعطِ الأجير أجره قبل أن يجفَّ عرقه » ، وينهى عن تكليف الخدم ما لا يطيقون أو يشق عليهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا تُكلِّفوهم ما لا يطيقون ، وإذا كلَّفتموهم فأعينوهم » .
لماذا أسلمت ؟
لأن الإسلام دين الأخلاق الكريمة ، والقيم النبيلة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إنما بُعثت لأُتمم صالح الأخلاق » ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في ذلك قال تعالى في وصف خُلقه : )وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم:4) ، وحرّم الإسلام كل خلق قبيح ، وحث على كل خلق حسن كريم ، وهذه الأخلاق أدب عام مع القريب والبعيد ، والمسلم والكافر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير ، وحسن الأخلاق في الإسلام ليست قيمًا اجتماعية وتربوية فحسب بل هي قيم دينية يثاب عليها المسلم ، ويعاقب على سوء الخلق حين يتعمد ذلك ولا يعتذر أو يستغفر .
لماذا أسلمت ؟
لأن الإسلام بيّن حقيقة الإنسان ، والغاية من خلقه ووجوده ، وحقيقة الكون والحياة وما فيهما من تسخير للإنسان ، وأن الله خالقه ومصوِّره قال تعالى : (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) (الصافات:96)
، وقال تعالى : (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) (الطور:35) ، وأن أصل الإنسان آدم عليه السلام ، وأن الله خلقه من تراب بيده ، ونفخ فيه من روحه تكريمًا له ولذريته ، وخلق ذريته من نطفة ثم علقة ثم مضغة مخلَّقة وغير مخلَّقة ثم سوّاه إنسانًا سويًا فأخرجه طفلاً ثم كهلاً ثم شيوخًا ومنهم من يرد إلى أرذلِ العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئًا ومنهم من يتوفى من قبل ، وجعل الله آدم وذريته خلفاء في الأرض ليعمروها ، وسخّر لهم الكون وما فيه ؛ ليقوموا بواجبهم وهو عبادة الله قال تعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56) ، وعبادته سبحانه توحيده وطاعته ، ومن أطاع الله وأطاع رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ووحّد الله وتبرأ من الشرك فهو مؤمن بالله جزاؤه الجنة والنعيم المقيم ، ومن عصى الله ورسوله كان جزاؤه الجحيم والعذاب الأليم قال تعالى : )تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) (النساء: 13 ، 14)
لماذا أسلمت ؟
لأن توحيد الله هو إفراده بألوهيته وربوبيته ، وأسمائه وصفاته الحسنى فلا معبود بحق إلا الله ، ولا رب إلا هو ، وهو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد ، وليس له شريك ولا مثيل ، ولا زوجة ولا ولد قال تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: من الآية11) ، ولا يستحق العبادة والألوهية أحد سواه تعالى ؛ لأنه الرب الخالق والرازق ، وما سواه مخلوق مربوب ، فلا يُعبد ملك مقرب كجبريل عليه السلام ، ولا نبي مرسل كمحمد
أو عيسى عليهما السلام .
ولا وليّ صالح أو أي مخلوق من المخلوقات الكونية أو الحيوانية أو غيرها كالشمس أو القمر أو البقر أو الأصنام والأوثان وغيرها وإنما يُعبد الله وحده بإخلاص وصدق قال تعالى : (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ)(الزمر: من الآية3) ، وهذا التوحيد هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله ، وكل ما يخالف هذا التوحيد والتعظيم لله فهو ضلال وبطلان فالله – سبحانه – واحد وليس هو ثالث ثلاثة ، وليس الله هو المسيح ابن مريم ، ولا المسيح ابن مريم ابن الله ، وإنما المسيح عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله ومن المقربين وأيّده الله بجبريل روح القدس فكانت له المعجزات الباهرات ، وأمّه صِدِّيقة من الصدّيقين ، وقد بشّر عيسى – عليه السلام – بمحمد صلى الله عليه وسلم وبرسالته ليؤمنوا بها ويكونوا من أتباع محمد بمحمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى : ( وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ )(الصف: من الآية6)
لماذا أسلمت ؟
الإسلام لبنة في بناء الأنبياء فكلهم دعوا إلى عقيدة واحدة ، وأصل واحد وهو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له ، وإن اختلفوا في الشرائع والأحكام ، فالإسلام يدعوا إلى الإيمان بالله ربًا وإلهًا ، وخالقًا ومالكًا ، ورازقًا ومدبرًا وإلى الإيمان بالملائكة الكرام وهم عباد لله مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، ويدعوا إلى الإيمان بالكتب المنـزلة من عند الله كالتوراة المنـزلة على موسى – عليه السلام – والإنجيل المنـزل على عيسى – عليه السلام – ، والزبور المنـزل على داوود
– عليه السلام – ، وصحف إبراهيم – عليه السلام – ، وكان آخرها القرآن الكريم المنـزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، ويدعوا إلى الإيمان بجميع الأنبياء والرسل الذين أرسلهم الله لتوحيده وعبادته ، وأنهم عليهم السلام بلّغوا الرسالة ، ونصحوا لأممهم ، والإسلام يدعوا إلى الإيمان باليوم الآخر وهو يوم الدين ويوم الحساب ويوم الجزاء ، وفيه من الأهوال والأحوال والأمور العظيمة التي لا ينجوا منها أحد إلا المؤمنون بالله تعالى وبرسله عليهم السلام ، والذين صدقوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم واتبعوه بعدما بعثه الله لجميع الناس رحمة وهداية .
ويدعوا الإسلام إلى الإيمان بقضاء الله وقدره وتقديره وأن الله يفعل ما يشاء قال تعالى : (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً) (الانسان:30) ، وأن ما أصاب المرء لم يكن ليخطئه ، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه وأن كل شيء بعلم الله وحفظه ، وأن المرء يجازى خيرًا على صبره وابتلائه ، ويثاب على سعيه وعمله ، وعلى المرء فيما يريد من أمر أن يستعين بالله ويتوكل عليه قال تعالى : ( وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)(آل عمران: من الآية160)
لماذا أسلمت ؟
يتطلع الإسلام إلى هداية الناس إلى هذا الدين الحق ، وإلى إيمانهم بالله تعالى ، ودخولهم في دين الإسلام ، فيفتح لهم باب التوبة ، ويقبل الله توبة العبد ما لم يغرغر ، ويدعوهم إلى الإنابة إلى الله تعالى ، والندم على ما فات ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وقد استجاب الله تعالى لعباده المؤمنين في رفع المؤاخذة عنهم في الخطأ والنسيان قال تعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)(البقرة: من الآية286) ، والإسلام لا يحاسب الناس على ما صدر من ماضيهم قبل الإسلام بل تبدل سيئاتهم حسنات إذا صدقوا في دينهم وفي الحديث « الإسلام يَجبُّ ما قبله » ، والإسلام لا يفترض في الناس الكمال الذي لا نقص فيه ، والعصمة التي لا خطأ فيها ، فقد يقع الإنسان حين تعامله مع الآخر ، أو تعامل الآخر معه في نقص أو خطأ أو زلل ، ولكن يجب عليه الندم ، وأن يستسمح غيره ، وأن يرد الحق له ، ولا يضيع حق عند الله تعالى قال جلّ وعلا : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ) (الزلزلة:7 ،
، وقال تعالى في عموم التوبة : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(النور: من الآية31)
لماذا أسلمت ؟
لأن مثل هذه المعاني والقيم في الإسلام كثيرة جدًا، ولأنه الدين القيم ، الدين السماوي الأخير الذي رضيه الله للناس دينًا قال تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً)(المائدة: من الآية3) ، وحال المؤمنين بالله تعالى وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم يقولون كما قال الله تعالى حكاية عنهم : (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ) (آل عمران:193) ، وقد استجاب لهذا النداء ويستجيب إلى يوم القيامة من أراد الله هدايته من الناس ومن أهل الكتاب قال تعالى : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً )(آل عمران: من الآية199)
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد خاتم الأنبياء والمرسلين .