ذِكْرُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوَّلُ ذَكَرٍ أَسْلَمَ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ ذَكَرٍ مِنْ النَّاسِ آمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَصَلَّى مَعَهُ وَصَدَّقَ بِمَا جَاءَهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ ، رِضْوَانُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ يَوْمئِذٍ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ .
[ نَشَأَتْهُ فِي حِجْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبَبُ ذَلِكَ ]
وَكَانَ مِمَّا أَنْعَمَ اللَّهُ ( بِهِ ) عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ كَانَ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ .
" - ص 246 -" قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهَدِ بْنِ جَبْرٍ أَبِي الْحَجَّاجِ قَالَ : كَانَ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَمِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لَهُ ، وَأَرَادَهُ بِهِ مِنْ الْخَيْرِ ، أَنَّ قُرَيْشًا أَصَابَتْهُمْ أَزْمَةٌ شَدِيدَةٌ ، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ ذَا عِيَالٍ كَثِيرٍ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ عَمِّهِ ، وَكَانَ مِنْ أَيْسَرِ بَنِي هَاشِمٍ ، يَا عَبَّاسُ : إنَّ أَخَاكَ أَبَا طَالِبٍ كَثِيرُ الْعِيَالِ ، وَقَدْ أَصَابَ النَّاسَ مَا تَرَى مِنْ هَذِهِ الْأَزْمَةِ ، فَانْطَلِقْ بِنَا إلَيْهِ ، فَلْنُخَفِّفْ عَنْهُ مِنْ عِيَالِهِ ، آخُذُ مِنْ بَنِيهِ رَجُلًا ، وَتَأْخُذُ أَنْتَ رَجُلًا ، فَنَكِلُهُمَا عَنْهُ فَقَالَ الْعَبَّاسُ : نَعَمْ . فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا أَبَا طَالِبٍ ، فَقَالَا لَهُ : إنَّا نُرِيدُ أَنْ نُخَفِّفَ عَنْكَ مِنْ عِيَالِكَ حَتَّى يَنْكَشِفَ عَنْ النَّاسِ مَا هُمْ فِيهِ ؛ فَقَالَ لَهُمَا أَبُو طَالِبٍ : إذَا تَرَكْتُمَا لِي عَقِيلًا فَاصْنَعَا مَا شِئْتُمَا - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُقَالُ : عَقِيلًا وَطَالِبًا . فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا ، فَضَمَّهُ إلَيْهِ ، وَأَخَذَ الْعَبَّاسُ جَعْفَرًا فَضَمَّهُ إلَيْهِ ؛ فَلَمْ يَزَلْ عَلِيٌّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَعَثَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَبِيًّا ، فَاتَّبَعَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَآمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ ؛ وَلَمْ يَزَلْ جَعْفَرٌ عِنْدَ الْعَبَّاسِ حَتَّى أَسْلَمَ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ .