صدق الله العظيم الذي لا إله إلا هو، المتوحد بالجلال.. وبكمال الجمال.. تعظيماً وتكبيراً، المتفرد بتصريف الأحوال على التفصيل والإجـمال تقديراً وتدبيراً، المتعالي بعظمته ومجده، الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً [الفرقان:1] .
وصدق رسوله الكريم، الذي أرسله إلى الثقلين بشيراً ونذيراً، وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً [الأحزاب:46] .
صدق الله العظيم التواب، الغفور الوهاب، الذي خضعت لعظمته الرقاب، وذلت لجبروته الصعاب، ولانت لقدرته الشدائد الصلاب، رب الأرباب، ومسبب الأسباب، وخالق عباده من تراب، منزل الكتاب، غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [غافر:3] عليه توكلنا وإليه المآب.
صدق من لم يزل جليلاً، صدق من حسبنا به كفيلاً، صدق من اتخذناه وكيلاً، صدق الهادي إليه سبيلاً، صدق الله، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً [النساء:122] .
صدق الله العظيم، وصدق رسوله الكريم، قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً [آل عمران:95] .
صدق الله الذي لا إله إلا هو، الرحمن الرحيم، الحي القيوم، ونحن على ما قال ربنا وخالقنا من الشاهدين، ولما أوجب وألزم غير جاحدين، والحمد لله رب العالمين.
وصلواته وسلامه على خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه والتابعين، وعلى أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، وعنا معهم، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم لك الحمد على ما أنعمت به علينا من نعمك العظيمة، وآلائك الجسيمة، حيث أنزلتَ علينا خير كتبك، وأرسلت إلينا أفضل رسلك، وشرعت لنا أفضل شرائع دينك، جعلتنا من خير أمة أخرجت للناس، وهديتنا لمعالم دينك، لك الحمد على ما يسرته من صيام رمضان وقيامه، وتلاوة كتابك العزيز، الذي لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42] .
اللهم لك الحمد كما هديتنا للإسلام، وعلمتنا الحكمة والقرآن.
نسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا، وذهاب غمومنا، وسائقنا ودليلنا إليك، وإلى جنات النعيم. اللهم وذكرنا منه ما نَسِينا، وعلمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا. اللهم واجعلنا ممن يحل حلاله، ويحرم حرامه، ويعمل بمحكمه، ويؤمن بمتشابهه، ويتلوه حق تلاوته. اللهم واجعلنا ممن يقيم حدوده، ولا تجعلنا ممن يقيم حروفه ويضيِّع حدوده، واجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك، يا رب العالمين!
اللهم واجعل القرآن لقلوبنا ضياءً، ولأبصارنا جلاءً، ولأسقامنا دواءً، ولذنوبنا ممحِّصاً، وعن النار مخلِّصاً. اللهم وألبسنا به الحلل، وأسكنا به الظلل، وادفع عنا به النقم، واجعلنا عند الجزاء من الفائزين، وعند النعماء من الشاكرين، وعند البلاء من الصابرين، ولا تجعلنا ممن استهوته الشياطين، فشغلته بالدنيا عن الدين، فأصبح من النادمين، وفي الآخرة من الخاسرين.
اللهم وانفعنا وارفعنا بالقرآن العظيم، الذي رفعت مكانه، وأيدت سلطانه، وبينت برهانه، وقلت يا أعز من قائل سبحانه: فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ [القيامة:18-19] ، أحسن كتبك نظاماً، وأفصحها كلاماً، وأبينها حلالاً وحراماً، محكم البيان، ظاهر البرهان، محروس من الزيادة والنقصان، لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42] . اللهم فأوجب لنا به الشرف المزيد، ووفقنا جميعاً للعمل الصالح الرشيد، واجعلنا بتلاوة كتابك منتفعين، وإلى خطابه مستمعين، وإلى أوامره ونواهيه خاضعين، وعند ختمه من الفائزين، ولثوابه حائزين، ولك في جميع شهورنا ذاكرين، ولك في جميع أمورنا راجين.
اللهم فاغفر لنا في ليلتنا هذه أجمعين، وهب المسيئين منا للمحسنين. اللهم وما قسمت في هذه الليلة الشريفة المباركة من خير وعافية وصحة وسلامة وسعة زرق، فاجعل لنا منه أوفر الحظ والنصيب، وما أنزلت فيها من سوء وبلاء وشر وداء فاصرفه عنا وعن المسلمين.
اللهم وأيقظنا لتدارك بقايا الأعمار، ووفقنا للتزود من الخير والاستكثار، واجعلنا ممن قبلت صيامه، وأسعدته بطاعتك فاستعد لما أمامه، وغفرت له زلَلَه وإجرامه، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم واختم لنا شهر رمضان برضوانك، واجعل مآلنا إلى جناتك، وأعذنا من عقوبتك ونيرانك.
اللهم واغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، وألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم.
إلهنا، حضرنا ختم كتابك، وأنخنا مطايانا ببابك، فلا تبعدنا عن جنابك، فإذا أبعدتنا فلا حول لنا ولا قوة إلا بك، لا رب لنا سواك فندعوه، ولا مالك لنا غيرك فنرجوه، إلهنا، من نقصد وأنت المقصود؟! ومن نتوجه إليه غيرك وأنت صاحب الكرم والجود؟! ومن ذا الذي نسأله وأنت الرب المعبود؟! يا من عليه يتوكل المتوكلون! وإليه يلجأ الخائفون! وبكرمه وجميل عوائده يتعلق الراجون! نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار نسألك أن تجعل خير أعمارنا أواخرها، وخير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا وأسعدها يوم لقاك، يا رب العالمين!
إلهنا، هل في الوجود ربٌّ سواك فيُدعى؟! أم في الملأ إلهٌ غيرك فيُرجى؟! أم هل من حاكم غيرك فتُرفع إليه الشكوى؟! إلى من نشتكي وأنت العليم القادر؟! إلى من نلتجئ وأنت الكريم الساتر؟! أم بمن نستنصر وأنت المولى الناصر؟! بمن نستغيث وأنت المولى القاهر؟! من ذا الذي يجبر كسرنا وأنت للقلوب جابر؟! من ذا الذي يغفر ذنبنا وأنت الرحيم الغافر؟! يا من هو عالم بالسرائر والضمائر! يا من هو الأول والآخر! يا ملجأ القاصدين! يا حبيب المحبين! يا أنيس المنقطعين! يا جليس الذاكرين! يا من هو عند قلوب المنكسرين! يا مجيب دعوة المضطرين! يا من لا تبرمه ألسنة السائلين! يا رحمان الدنيا والآخرة! يا أرحم الراحمين! نسألك أن تجعلنا من حزبك المفلحين، وأن تنجينا من النار، يا منجي المؤمنين، وأن تدخلنا جنات النعيم.
اللهم إليك قصدنا بحاجتنا، وبك أنزلنا فقرنا، وإنا برحمتك أوثق منا بعملنا، وإن رحمتك أوسع من ذنوبنا، فلا تخيب رجاءنا، يا من عنت الوجوه لعظمته! يا من يقول للشيء: كن، فيكون!
اللهم واجعلنا ممن دعاك فأجبته، وممن تضرع إليك فرحمته، وممن سألك فأعطيته، وتوكل عليك فكفيته، وإلى حلول دارك دار السلام أدنيته.
يا جواد جُدْ علينا، وعاملنا بما أنت أهله، إنك أهل التقوى وأهل المغفرة.
إلهنا، ما أحلمك على من عصاك، وما أقربك ممن دعاك، وما أعطفك على من سألك، وما أرأفك بمن أمَّلك، من ذا الذي سألك فحرمته؟! أو لجأ إليك فأسلمته؟! أو هرب إليك فطردته؟! لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا ظالمين!
اللهم إنك أحببت التقرب إليك بعتق ما ملكت أيماننا، ونحن عبيدك، وأنت أولى بالتفضل فاعتقنا من النيران، وأنت أمرتنا أن نتصدق على فقرائك، وأنت أولى بالكرم والجود فتجاوز عنا، أنت ملاذنا إذا ضاقت الحيل، وملجؤنا إذا انقطع الأمل.
يا من يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمائر الصامتين، يا من ليس معه ربٌّ يُدعى، ولا مَلِكٌ على السؤال يُرجى! يا من لا يزداد على كثرة السؤال إلا كرماً وجوداً! أذقنا برد عفوك، ولذة مناجاتك، واجعلنا ممن قام بحقك.
اللهم إننا قد تولينا صوم شهرنا وقيامه على تقصير منا، وقد أدينا فيه قليلاً من كثير، وقد أنخنا ببابك سائلين، ولمعروفك طالبين، فلا تردنا خائبين، ولا من رحمتك آيسين، انظر برحمتك إلى هذا الجمع، تقبَّل منا ما عملناه في رمضان، بلغنا من خير الدنيا والآخرة ما نريد.
اللهم واعمر بالتوبة النصوح قلوبنا، وطهر بعفوك سرائرنا من دنس عيوبنا.
اللهم ولا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا كرباً إلا نَفَّسته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا أعنتنا على قضائها ويسرتها، برحمتك يا رب العالمين!
اللهم وفرج هم المهمومين، ونَفِّس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف جميع مرضى المسلمين.
اللهم واغفر لجميع موتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك. اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم إنهم أصبحوا مرتهنين في تلك الحفر المظلمة لا يستطيعون زيادة من الحسنات، ولا نقصاً من السيئات، فجازهم بما عملوا من الحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً، حتى يكونوا في بطون الألحاد مطمئنين، وعند قيام الأشهاد من الآمنين. اللهم وانقلهم من ضيق اللحود، ومراتع الدود، إلى جناتك جنات الخلود، فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ [الواقعة:28-30] . وارحمنا اللهم إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، تحت الجنادل والتراب وحدنا. اللهم مَن لنا إذا غسلنا أهلونا؟! ومَن لنا إذا كفنونا، وعلى الأكتاف حملونا، وفي القبور تركونا إلى منكر ونكير يسألوننا؟! لا منجِّي عندها سواك، لا رحمان عندها سواك، لا رحيم عندها سواك.
يا من أظهر الجميل وستر القبيح! يا من لا يؤاخذ بالجريرة، ولا يهتك الستر! يا حسن التجاوز! يا سامع كل نجوى! ويا منتهى كل شكوى! يا كريم الصفح! يا عظيم المن! يا مبتدئ النعم قبل استحقاقها! يا سيدنا! ويا مولانا! لا تشوِ خلقنا بالنار. اللهم وأعذنا من النار. اللهم وأعذنا من عذاب القبر، اللهم وأعذنا من الضلال، وثبتنا عند السؤال، برحمتك يا رب العالمين!
اللهم وجهك أعظم الوجوه، وعطيتك أكرم العطايا وأهناها، تطاع فتشكر، وتعصى فتغفر، تكشف الضر، وتشفي السقيم، وتغفر الذنب العظيم، وتقبل التوبة عن المسيئين، ولا يجزي بآلائك أحد، أنت الله لا إله إلا أنت، أحق من ذكر، وأحق من عبد، وأجود من سئل، أنت الملك لا شريك لك، والفرد لا ند لك، كل شيء هالك إلا وجهك، لن تطاع إلا بإذنك، ولن تعصى إلا بعلمك، أقرب شهيد، وأدنى حفيظ، حُلْت دون النفوس، وأخذت بالنواصي، وكتبت الآثار، ونسخت الآجال، القلوب لك مفضية، والسر عندك علانية، الخلق خلقك، والعباد عبادك، وأنت الرءوف الرحيم، وأنت الغفور الرحيم، نسألك اللهم في هذه الليلة بوجهك الكريم، نسألك يا ألله أن تجيرنا من النار. اللهم أجرنا من النار. اللهم وحرم أبداننا على النار. اللهم وحرمنا على النار، برحمتك يا عزيز يا غفار!
اللهم واحشرنا تحت لواء سيد المرسلين، محمد صلى الله عليه وسلم.
اللهم واغننا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك.
اللهم إنا نسألك علماً نافعاً، ورزقاً طيباً، وعملاً متقبلاً.
اللهم إنا نسألك القصد في الفقر والغنى، وكلمة الحق في الغضب والرضا، نسألك نعيماً لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، زينا بزينة الإيمان، واغفر لنا ما سلف وكان.
اللهم وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، نعوذ بك من سيئ الأدواء، ومن سيئ الأهواء، فإنك يا ربنا سميع الدعاء.
اللهم لك أسلمنا، وبك آمنا، وعليك توكلنا، وإليك أنبنا، وبك خاصمنا، وإليك حاكمنا، فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر، ولا حول لنا ولا قوة إلا بك!
اللهم وأصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر، برحمتك يا رب العالمين!
اللهم وهوِّن علينا سكرات الموت، وارزقنا قبل الموت توبة، وعند الموت شهادة، وبعد الموت جنة ونعيماً، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم ودمر اليهود ومَن والاهم. اللهم وشتت شملهم. اللهم وفرق جمعهم. اللهم وخذهم أخذ عزيز مقتدر. اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم. اللهم وسلط عليهم جنودهم، وأرسل عليهم طيراً أبابيل، تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ [الفيل:4] . اللهم واجعل بأسهم بينهم شديداً. اللهم وأهلك الطغاة والجبارين، الذين أذلوا عبادك المؤمنين، قتَّلوا الضعفاء واليتامى والمساكين. اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، يا جبار السماوات والأرض! أرنا فيهم يوماً أسود كيوم هامان وفرعون بقوتك يا رب العالمين!
اللهم أغثنا، وأغث المسجد الأقصى. اللهم فك أسر المسجد الأقصى. اللهم فك أسره من اليهود الغاصبين، وارزقنا اللهم فيه صلاة قبل الممات، برحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم وأعزَّ الإسلام والمسلمين، وانصر الإسلام والمسلمين، وانصر إخواننا المجاهدين في كل مكان. اللهم وسدد رميتهم، وافتح لهم فتحاً مبيناً، وانصرهم نصراً عزيزاً، واجعلهم قوة ترهب بهم عدوك وعدوهم، يا أرحم الراحمين!
اللهم وأصلح جميع ولاة المسلمين، اللهم واجعلهم رحمة على شعوبهم ورعاياهم، ووفق إمامنا وولي أمرنا إلى كل ما تحبه وترضاه، هيئ له قولاً سديداً، وعملاً رشيداً، والبطانة الصالحة الناصحة التي تعينه على الخير وتدله عليه.
اللهم واهد شباب أمة محمد أجمعين. اللهم وحبب إليهم الإيمان، وزينه في قلوبهم، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا وإياهم من الراشدين.
اللهم وفقنا وإياهم إلى الطاعات، والإكثار من الحسنات، واحمنا وإياهم والمستمعين والمؤمِّنين من الشرور والسيئات، ومن المسكرات، والمنكرات، ومن المخدرات، برحمتك يا رب الأرض والسماوات!
اللهم واغفر لنا في ليلتنا هذه أجمعين، وهب المسيئين منا للمحسنين، فإن لم يكن بيننا محسن فهبنا جميعاً لسعة عفوك وجودك، يا كريم!
اللهم إنك تسمع كلامنا، وترى مكاننا، ولا يخفى عليك شيء من أمرنا، نسألك مسألة المساكين، ونبتهل إليك ابتهال الأذلاء، من خضعت لك رقابهم، وذلت لك جباههم، هَبْها لنا ساعة توبة، هَبْها لنا ساعة قبول، هَبْها لنا ساعة رضا. اللهم أرضِنا وارضَ عنا، وإلى غيرك لا تكلنا.
اللهم إنا نشكو إليك ضعف قوتنا، وقلة حيلتنا، وهواننا على الناس، أنت رب المستضعفين، إلى من تكلنا؟! إلى بعيد يتجهمنا؟! أم إلى عدو ملكته أمرنا؟! اللهم إن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي، نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن يحل بنا غضبك أو أن ينزل بنا سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة لنا إلا بك.
اللهم ولا تفرق جمعنا هذا إلا بذنب مغفور، وعمل صالح مبرور. اللهم واغفر لنا، ولوالدينا، ولجميع أقاربنا، ومن أوصانا بالدعاء، ومن أوصيناه بالدعاء، ومن أحبنا فيك، ومن أحببناه فيك. اللهم اغفر لهم وارحمهم، واكتب لهم التوفيق، ويسر أمورهم.
اللهم واجعل أبناء المسلمين بآبائهم بارين، ولأمهاتهم طائعين، ولا تجعلهم لهما من العاقين، فيكونوا من أصحاب الجحيم، برحمتك يا رب العالمين!
اللهم يا سامع الصوت! ويا سابق الفوت! ويا كاسي العظام لحماً بعد الموت! نسألك أن تعيذنا من عذاب القبر، ومن سؤال منكر ونكير، ومن أكل الديدان، وبيِّض اللهم وجوهنا، ويسِّر حسابنا، ويمِّن كتابنا، وثبِّتنا على الصراط، حتى لا نهوي في نار جهنم.
اللهم وآمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، يا رب العالمين!
اللهم وأبعد عنا الغلاء، والربا، والزنا، والزلازل، والمحن، وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة، يا رب العالمين!
اللهم واجعلنا ممن وفق لقيام ليلة القدر. اللهم واجعلنا ممن نال فيها أعظم الأجر، ومحوت عنه أكثر الوزر، بكرمك يا رب العالمين! اللهم واجعلنا ممن كتبته فيها من السعداء، ممن يدخلون جنات النعيم، ممن يقال لهم يوم العرض عليك: ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ [الحجر:46] ، ادخلوها بلا عقاب مطمئنين، ادخلوها بلا حساب خالدين، برحمتك يا رب العالمين!
اللهم إنا وقفنا هذا الموقف العظيم، عند ختم كتابك الكريم، نسألك يا ألله! يا ذا الفضل المبين! يا جبار السماوات والأرض! عتق رقبانا من النيران، واكتب لنا ثواب الصيام والقيام. اللهم تقبل منا صيامنا، وصلاتنا، وركوعنا، وسجودنا، وتقبل منا جميع عباداتنا. اللهم واقبلها ولا تردها في وجوهنا.
إلهنا، أعد علينا رمضان أعواماً عديدة، وأزمنة مديدة، ونحن في خير وسعادة، والأمة الإسلامية في أمن وأمان، وعلى كل ما تريده، بكرمك يا رب العالمين!
اللهم إنك قلت في كتابك الكـريم: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60] ، نسألك أن ترينا وجهك الكريم في الجنة. اللهم وأرنا وجهك الكريم في الجنة، لا تحرمنا من الجنان، لا تطردنا من الجنان، ولا تحجبنا عن الجنان.
اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:23] .
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة:127-128] .
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الصافات:180-182] .
وصلِّ اللهم على نبينا وحبيبنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.