ترى ماذا يفعل الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي في منفاه الآن بالسعودية؟ هل يجيب عن اتصالات هاتفه النقال أم يبعث برسائل ''أس أم أس'' ليطمئن معارفه عن أحواله أم يشاهد قنوات التلفزيون وهي تتحدث عنه وعن زوجته وتنقل صور الخراب الذي حلّ بتونس قبل تنحيته، وكذلك صور الفرحة بطيّ صفحة حكمه التي دامت 24 سنة.
ومع ذلك، فقد كان محزنا ومخزيا تناقل خبر ''تيهان'' الرئيس التونسي طوال ليلة الهروب وهو يدور بطائرته في أجواء العالم يبحث عن دولة تستقبله، بعدما لفظته تونس الخضراء.. ألهذه الدرجة تستهزئ الأقدار بالناس؟ كم هو تعيس حال حكامنا العرب الذين جلبوا لنا المشاكل وهم على كراسيهم وجلبوا لنا الخزي وهم يهربون من بلدانهم. فقبل سنوات صدمنا جميعا ونحن نشاهد تفاصيل إعدام الرئيس العراقي صدام حسين، وبعده بقليل صدمنا بالرئيس الليبي معمر القذافي وهو يعلن عن تخليه الطوعي عن برنامج نووي سري. وما تزال آثار الصدمة بادية علينا ورئيس السودان عمر البشير يشرف بنفسه هذه الأيام على تقسيم بلاده إلى دولتين.
أما أحدث القرارات الهزلية لحكامنا تفاعلا مع احتجاجات الجزائر وتونس، فهي مسارعة عدة حكومات عربية كاليمن والأردن إلى تخفيض أسعار المواد الغذائية، كما لو أن الشعوب العربية مهمومة ببطونها فقط، ولا تريد الحرية.
وعلى طريقة ''الكلام لخالتي والمعنى لجارتي''، ألقى الزعيم الليبي خطاب تهدئة موجها لشعبه، رغم أنه كان يتحدث ظاهرا مع الشعب التونسي. ولم يعد ينقصنا سوى تدخل الرئيس المصري حسني مبارك ليدعو هو الآخر للهدوء، في محاولة منه لإنقاذ مخطط التوريث المزمع تنفيذه هذا العام.
وعلى كل حال، الدرس الكبير من ثورة الشعب التونسي هو موجه بالأساس للحكام العرب دون استثناء، ليعرفوا أن ''العدل أساس الحكم''، أما الدرس الأهم فهو موجه لقادة المغرب العربي ليعرفوا أن باريس تقف دائما مع ''الواقف'' بدليل تخليها عن بن علي وعائلته في هذا الظرف الحرج.