[نثمن هذا الشعار الذي احتظنه الكثير، والذي يصلح ان يكون برنامج عمل للعديد منا خلال السنة الحالية، فالعديد من المؤسسات والاحزاب، او مجموعة من المجتمع المدني والأفراد يكذب على الآخر بتضخيم الارقام احيانا او تقزيم الآفات احيانا اخرى...
أو اتباع سياسة الإقبال والفر والكر حسب ما تقتضية المصلحة الذاتية، فأزمة السكن وتوزيع السكانات منطقيا تكون بالأهازيج والافراح في جميع الدول.. إلا في الجزائر قد تستقبل بالمظاهرات وقطع الطروقات وإشعال النيران... بحكم أن العديد تعود على الكذب سواء بوعوده أو إنجازاته أو أثناء توزيعه لهذه السكانات بالاصطدام بعدد الغرف الممنوحة (f1) او الموقع غير المهيئ... وما تعبيرات الشارع الحالية إلا جزءا من هذه المعادلة، كما هي كاشفة عن انسداد هوامش الحرية والتعبير.
فكم من عائلة تنتظر اللحظة الحاسمة... ثم تصطدم بالواقع المرير، فبدلا ما نكون أنهينا الأزمة عملنا على إدامتها بطروق أخرى، وشرارتها الاولى الكذب والتسويف والنفاق السيساوي.. لذلك يجب أن لا ننتهي من قول الحقيقة ولكن -حسب قناعتي- باللغة السلمية.. فالصدق والحقيقة والعدل اساس الحكم، فهذه المسؤولية الأخلاقية، يجب أن يتحلى بها كل مسؤول أو موظف مهما على شإنه أو بسط اجره وعمله، وإلا مصيرنا الفوضى وبوادر الفناء قادمة.
وللتنبيه ان لم نعظ الاجابات الصحيحة، فسياسات الوعود والارقام قد لا تدوم، بل تذوب مع سياسة المنشطات، وكامل الاجسام غير الطبيعية.. فهذه الثورة الاخلاقية يجب أن تعم ولا تنحصر في حملات موسمية أو مناسبات معينة.. فالكذب والابتعاد عن الحقيقة المطلقة أو ذكر الحقيقة المنقوصة بعيدا عن الحقيقة المحرجة والانشغالات الحقيقية للمواطنين هي السائدة في اغلب الخرجات الوزارية.. فالطرقات تعبد في رمشة عين، والاشجار تزرع وتنمو وتورد في ساعات معدودات، وإعداد المحيط وتزيينه في بضع الدقائق... وكل هذا الكرنفال الدشروي الذي ولد على شاكلة اطفال الانابيب!!! قد تنتهي صلاحياته بمجرد انتهاء الزيارة التفقدية، فسياسة الواجهة اثبتت فشلها وعدم جدواها وهي المغذي بامتياز للانتفاضات المتلاحقة في ربوع الجزائر، وهي مؤشر على مدى درجة التذمر، لذلك سابقا يقال "كونك سباع وكولني"، فاليوم الشعب يردد ويقول "قولي الحقيقة وقدني"...
اليوم نسمع على ندرة الدواء وعدم وجود بعض انواع المخدرات في المستشفيات، بدلا ما كل واحد يتحمل مسؤوليته فإننا كلنا عاجزون، وبدلا ما تعطى الحلول اصبح الكل وكأنه يشاهد مقابلة كرة المضرب، فالكل يدافع.. يراوغ.. ويحمل المسؤولية للآخر.. في ظل تفاقم ظاهرة الكذب على الدقون بعيدا عن كل حقيقة....
فالاسعار تلتهب والمواد الاساسية اصبحت حلما عند الزوالي... ووزارة التجارة تغني على ليلاها وتحاول اعطاء اجابات.. اقل ما يقال عنها خاطئة.
وهذه الظاهرة متفشية وفي جميع الميادين، فمثلا والأدهى والامر اننا احيانا نكذب على انفسنا بإيهام انفسانا على تشجيع السياحة في ظل محيط معادٍ ومناوٍ للسياحة من حيث هياكل الاستقبال، او من حيث الخدمات، او من حيث عقلية المسيرين، وكم تزخر الجزائر بعناصر وأنواع عديدة من السياحة، ولكن في ظل التنويم المغناطيسي للقطاع، فكأننا نصب الماء وراء الكأس!! فهذه الاشكاليات ومميزاتها في نفسية نظام الحكم هي التي تؤدي إلى عقبات أو أزمة الثقة، فالكذب احيانا ادى ببعض من مسؤولينا إلى أن ينكر اصوله ويقترب بقدر ما استطاع من ولاياته الى احدى ولايات الغرب الجزائري، لعل تكون له بركة في دوام رزقه المصطنع، وما اكثر هذه النماذج الفذة...
إن لم تنته من الكذب لن أنتهي من قول الحقيقة.. ليكون هذا الشعار المختصر للصدق وصفاء السريرة والايادي البيضاء والبطن الطاهر.. شعارنا، ولنعلم أن الرزق بيد الله وما علينا الا أن نجعل الاسباب ونخلص النوايا ونتوكل ولا نتآكل... فبهذه الفلسفة ستؤدي ببعض البلعاطيين -لا محال- أن يتساقط سقوطا حرا.. فالكذب لن يصمد، فكم من مسؤول -ليس ببعيد- كنا قبل ان يعطس مالا يقل عن ستة وثلاثين مليون جزائري يترحم عليه، ولكن بمجرد ما انتهت قوته المصطنعة أصبح أقل بقليل وبنفس العدد يشتمه ولا ينظر اليه، وجذور الظاهرة الكذب، وتجنب الحقيقة... فلنعتبر يرحمكم الله.