"كان ذلك في محاضرة لأستاذ يدرس الأدب المعاصر في الجامعة، كانت من بين الحصص الأخيرة في السنة الرابعة
كنا جميعا كطلبة ننتظر نتائج السداسي الأول التي رفض أن يعلنها على غرار الكثير من الأساتذة!!
ولكن هذا الأستاذ كان لديه هدف إضافي لعدم إعلانه النتائج
فقد جمعنا في تلك المحاضرة ليعطينا النتائج شفاهيا!! هي طريقة غريبة، ولكن إذا عُرف السبب بطل العجب
وضع أوراق الإجابات أمامه، وبدأ ينادي بالاسم، وما إن يرفع صاحب الاسم يده حتى يمعن النظر فيه ثم يدون العلامة ويخبره بها!!!! بكل بساطة
ونحن الغيظ يتآكلنا
فكل المجهود الذي بذلناه لم يكن ذا أهمية مقارنة.. بأهمية الوجوه عنده
وخرجنا نحمد الله أنه هو من يدخل النار والجنة وليس أحدا من البشر وإلا ..."
هناك مثل شعبي جزائري يقول "الدنيا بالوجوه والآخرة بالفعايل"
مفاده أن الدنيا تغلب عليها المحسوبيات والذاتية، والتعامل فيها على أساس "أنت قريبي أنت ابن بلدي أنت صديقي.. فأنت أولى" ولا وزن فيها للكفاءة أو العمل الذي يقدمه الشخص أو .....
بالمقابل ففي الآخرة تعرض الأعمال ولا فرق عند الله بين إنسان وآخر إلا بالعمل الذي يقدمه وبالنية التي أضمرها هذا الشخص في حياته الدنيا..
هذه السياسة الظالمة مُتَّبعة وبكثرة في مجتمعاتنا للأسف الشديد، فتجد الناس ومن دون أدنى تفكير يخدمون من لهم علاقة طيبة بهم ويتركون غيرهم حتى لو كانوا أكثر استحقاقا لتلك الخدمة..
يحاسبون هذا على جريمة يتسامحون فيها مع آخر، فقط لأن هذا يختلف عن ذاك في نظرهم وفي قوانينهم وفي عدالتهم.
لذا إخوتي أسألكم أن نجتهد بأن لا نكون من هذه الفئة، بأن يكون إيماننا قويا بعدالة الله عز وجل وبإنصافه ولو بعد حين
وبأن نجعل عقولنا هي التي تحكم
عقول يسيرها الحق، وتدفع بها الموضوعية والعدالة المرضية لله عز وجل للإنصاف، حتى في أبسط وأصغر الأمور.
فنحن راحلون لا محالة إلى يوم كل واحد منا سيقول فيه نفسي نفسي، ولن ينفع أحد أحدا، ولن يكون معنا إلا عملنا الصالح وشفاعة حبيبنا محمد الذي لن يكون راضيا علينا إذا ظلمنا غيرنا، ورحمة الله عز وجل بنا والتي لن نستحقها إلا إذا رحمنا غيرنا في الدنيا وأعطينا كل ذي حق حقه من دون التفاتة للونه أو جنسه أو لسانه.
فإيانا والظلم إيانا والظلم
فالظلم ظلمات يوم القيامة
وها أنا أذكر صنيع هذا الأستاذ إلى اليوم وبحرقة، فما بال من تعامل بهذه السياسة في مواقف أكثر ظلما من هذا الموقف.
أسأل الله أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه
وأن يجعلنا من العادلين قبل أن يتوفانا
دمتم في حفظ العادل