قد تكتسي مثل هذا التساؤل الغرابة وقد تعتريه الريبة وقد يقول أحدكم : إنَّ الرجل يهذي ولا شك وبه مسٌِّ من جنون .
فأي دنيا يُمكن أن يأملها من لفظ أنفاسه ؟
وأي حياة (دنيوية) يُمكن أن يرجوها من إنتقلت روحه لبارئها ؟
أُقرُّ أن التساؤل لامس مخيلتي وأنا أقرأ كل يوم عن شبابٍ (وليسوا وحدهم)يضعون حدًِّا لحيواتهم.
حكاياهم تملأ صفحات جرائدنا وجثثهم تملأ مقابرنا !
يطلبون الحياة (وهذا حقّهم) بالإرتماء في أحضان الموت (وذاك ليس من حقهم).
شباب (بل جحافل منهم) يرمون بأنفسهم في البحر يرومون جنّةً وهمية وراء الضفة الأخرى وأخرون إعتقدوا أنهم وجدوها (الحياة) في سيجارة مُخّدرة تجعل حيواتهم تتلاشى كما يتلاشى دخانها .
منهم من إختار زاوية منسية يطرق من خلالها باب النسيان الأبدي ومنهم من إختار موتا إستعراضيا يرفض به عروض دنيا لا تتماشى وطموحاته !
كلّهم أرادوا الحياة .....ولم يجدوا طريقا لها إلا الموت !
لست أبغي هنا تبرير فعل الموت الإرادي (وهل يمكن تبريره؟) فهو حرام شرعا ولست أبدا أنفي مسؤولية الشباب عن سلوكهم ذاك مهما حاولوا تبريره ولكن أريد الإستفهام :
أليس من السهل جدا على من لا يحيا معاناتهم (وليست بالضرورة مجرد لقمة عيش) أن يصمهم بالجنون؟
أليس أفضل لهؤلاء بدلا عن ذلك أن يتساءلوا : لماذا يفعل شبابنا ذلك ؟
وخاصة لماذا لا نسعى أن نمنحهم الحياة بدل الموت ؟
فسحة أمل وحياة لقلمك أن يرسمها .